حسين منصور – البقاع
شهد مخيم الجليل في بعلبك بعد صلاة الجمعة مسيرة جماهيرية حاشدة دعت إليها المنظمات الشبابية في منطقة البقاع، تنديدًا بالمجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مخيم عين الحلوة، والتي أسفرت عن استشهاد 13 شابًا من أبناء المخيم.
وشارك في المسيرة ممثلو الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والمنظمات الشبابية والقوى الطلابية وعدد من المشايخ وأهالي المخيم.
ورفع المشاركون صور الشهداء والأعلام الفلسطينية، ورددوا هتافات تعبّر عن دعم المقاومة، مؤكدين أنّ دماء شهداء عين الحلوة ستبقى منارة لنضال الشعب الفلسطيني، وأنّ وحدة المخيمات تبقى الركيزة الأساسية في مواجهة محاولات طمس الهوية الوطنية.
وخلال الفعالية، ألقى ممثل المنظمات الشبابية في البقاع علاء منصور كلمة باسم المنظمات الشبابية الفلسطينية، واستعرض فيها سلسلة من المواقف التي أكد خلالها أنّ ما جرى في عين الحلوة “ليس رقمًا يضاف إلى قائمة الشهداء، بل صرخة تُذكّر بأنّ المخيمات ليست مجرد مساكن، بل حاضنات وعي وهوية، ومصانع للكرامة والانتماء”.
وأوضح أن أبناء المخيمات “لا ترعبهم طائرات ولا مدافع”، وأنّ عين الحلوة “لم تنكسر ولن تنكسر”، معتبرًا أن شباب المخيمات حافظوا على الوعي الوطني ورواية فلسطين، وأن أحداث السابع من أكتوبر أعادت تثبيت حقيقة أنّ المخيمات، رغم استهدافها وفقرها، ما زالت حيّة وعيونها شاخصة نحو القدس.
وتوقف منصور عند صمود أهالي الشهداء، موجّهًا تحية خاصة إلى خنساء مخيم عين الحلوة ووالدة الشهيد أمجد خشان، معتبرًا أنها نموذج للأم الفلسطينية التي تربّي أبناءها على قيم الإيمان والوفاء. وقال: “نحن كل أبناء المخيمات أمجد، ولن نحيد عن الطريق الذي ارتقى فيه شهيدًا. أمجد حيّ فينا، وستبقى دماؤه عهدًا لا نخونه.”
كما استذكر شهداء مخيم الجليل، ومنهم شهداء قصف 1984، والشهيد خليل محمد، والشهيد عمر زكريا مصطفى، مؤكدًا استمرار درب الشهادة والعودة، وأنّ “جيل المخيمات ينهض بعد كل استهداف، فيحوّل الجراح إلى وعي، والحزن إلى عهد ووعد”.
وفي الشقّ السياسي، اتهم منصور وكالة الأونروا بتنفيذ سياسة تتقاطع مع الرؤية الإسرائيلية الهادفة إلى تقليص دور الوكالة وضرب حقوق اللاجئين وهويتهم الوطنية، معتبرًا أن تقليص الخدمات يشكل اعتداءً على المخيمات ويعمّق معاناتها.
وأكد استمرار الحراك الشبابي والطلابي “حتى إنهاء سياسة الابتزاز والمساومة بحق الطلاب والموظفين”.
وقال بوضوح: “سيبقى علم فلسطين والخريطة مرفوعين، وسنبقى نردد نشيدنا الوطني كل صباح، غصبًا عن كل من يحاول طمس هويتنا.”
على هامش الفعالية، أكد مسؤول الجبهة الديمقراطية في البقاع عماد الناجي في مقابلة خاصة مع موقع صدى أن مخيم عين الحلوة “صامد وصابر ولن يركع”.
واعتبر أن الجريمة الأخيرة “امتداد لسلسلة الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال بحق أهلنا في الضفة وغزة”.
وأضاف الناجي: “دماء شهدائنا لن تذهب هدرًا وستبقى وقودًا لاستمرار الكفاح حتى العودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.”
كما عبّر أهالي مخيم الجليل عن تضامن واسع مع مخيم عين الحلوة، مؤكدين أنّ الجرح واحد. وقال اللاجئ الفلسطيني محمد الساهي: “مخيم عين الحلوة هو عاصمة الشتات الفلسطيني. من الجليل نقول إننا شعب واحد ووجع واحد، نرفع راية عين الحلوة وشهدائها، ونؤكد أننا جسد واحد ولو ابتعدت المسافات عن حدود فلسطين.”
جسّدت المسيرة في مخيم الجليل حالة تضامن واسعة حملت رسالة مفادها أنّ وحدة المخيمات الفلسطينية في لبنان هي خط الدفاع الأول عن الهوية والعودة.
وعبّر المشاركون عن رفضهم لكل محاولات التضييق على اللاجئين، مؤكدين تمسّك الجيل الجديد بخيار المقاومة.
واختُتمت المسيرة بقسم جماعي ردده الحضور: “نقسم بالله العظيم أن نبقى على عهد الشهداء، وأن لا نسقط الراية، وأن نحمل راية العودة والمقاومة حتى التحرير… وإلى القدس – مهما طال العناء – موعدنا.”
