خاص – صدى الشتات
ثمة شارع رئيسي يفصل بين صورة للثراء الفاحش الظاهرة في مبان جديدة على شاطئ مدينة صور جنوب لبنان، وصورة أخرى لتجمع جل البحر بأكواخه المهترئة وبيئته الملوثة ومجاريه الممتدة إلى البحر.
يُعتبر تجمع جل البحر من أكثر التجمعات الفلسطينية في لبنان معاناة بسبب موقعه الجغرافي، وكونه تجمعاً لا يحظى بالخدمات الرسمية من الأونروا التي تقدم خدماتها الرئيسية فقط في المخيمات.
كما أن موقعه على طريق رئيسي مؤدٍ إلى مدينة صور من جهة، وعلى شاطئ البحر من جهة أخرى، جعله عرضة لخطر البحر وعوامل الطبيعة وسرعة السيارات العابرة المميتة.
يفتقر جل البحر إلى جميع أنواع الخدمات ويمتلئ بالنفايات التي لا مكان مخصصاً لها وليس في التجمع بنى تحتية، وأهله غير مرغوب بهم من قبل الدولة اللبنانية يتعرضون لكل أنواع التضييق الإنساني، من منازلهم المتهاوية إلى منع الجمعيات الأهلية من إتمام مشاريع ترميم داخل التجمع.

رعب الشتاء
يعيش سكان جل البحر حالة من عدم الاستقرار خاصة في فصل الشتاء الذي يحمل معه العواصف والرياح وأمواج البحر العاتية، حيث تتسرب مياه البحر والأمطار الى البيوت مهددة حياتهم ومسكنهم .
تجمع جل البحر، تجمع صغير يقع عند المدخل الشمالي الشرقي لمدينة صور جنوبي لبنان، استحدث التجمع في العام 1954، يبلغ عدد سكانه نحو 2500 نسمة، الذين هجروا من قرى قضاء عكا في فلسطين عام إبان النكبة عام 1948.
يعيش سكان التجمع في بيوت جدرانها متهالكة قد تنهار فوق رؤوس ساكنيها، ويعتبر جل البحر من أكثر التجمعات الفلسطينية فقراً وحرماناً، فمعظم المساكن عبارة عن أكواخ من “الزينكو” ممتدة من الشارع إلى البحر، تفصلها ممرات ضيقة تكفي لمرور شخص واحد.

كارثة صحية
وشرح أمين سر اللجان الأهلية في لبنان محمد الشولي أوضاع التجمع قائلا: “في تجمع جل البحر لا يوجد عيادة ولا مدرسة ولا روضة ولاحتى مسجد، كما يفتقر التجمع إلى شبكات صرف الصحي مما يهدد ساكنيه بتفشي الأمراض الخطيرة.
وتابع الشولي: “يتنقل الأطفال من تجمع جل البحر الى مخيم البص للمدرسة بمسافة حوالي 2 كيلومتر، سيرا على الأقدام، تحت المطر والعواصف شتاءً، وتحت أشعة الشمس الحارقة صيفا، مما يعرِّض حياتهم للخطر، وما يفاقم الخطر على الأطفال هو السير في الشارع الرئيسي الرابط بين التجمع ومخيم البص، ويعتبر خطا سريعا سقط عليه الكثير من الضحايا”.

في وجه العاصفة
أما اللاجئة الفلسطينية، فاطمة عوض فلم تكن احسن حالاً، فهي أيضاً تعاني من أمواج البحر التي تصل الى منتصف بيتها، وأشارت: “بيتي وعند أول عاصفة تزورني أمواجه الى منتصف المنزل، واحتار عندها ماذا افعل، أنا واطفالي الصغار اللذين باتو يعانون من الأمراض بسبب الرطوبة العالية في المزل صيفا وشتاء.
وأوضحت عوض أن غياب شبكات الصرف الصحي وانتشار الأوساخ بين المنازل يتسبب في العديد من الأمراض الجدية لدى العديد من أبنا الجمع لا سيما الأطفال على وجه الخصوص.

مناشدة عاجلة
وناشد الشولي عبر موقع ” صدى” وكالة غوث وتتشغيل اللاجئين الأونروا إلى تقديم خدماتها لسكان التجمع الفلسطيني باعتبارهم عابرون على هذه الأرض وسيعودون إلى موطنهم الأصلي حين عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها.
كما طالب الدولة اللبنانية للعمل على تحسين قوانينها بالسماح للسكان بترميم مساكنهم ليتغلبوا على عقبات الحياة في التجمع.

صرخات دون مجيب
ومن بين أنياب الفقر والخوف، قالت اللاجئة الفلسطينية أم شادي إن سكان التجمع يعانون من العديد من المشاكل البيئية والصحية و المعيشية، ومع دخول فصل الشتاء تزداد المعاناة.
وأضافت أم شادي: منذ سنوات مضت وكافة الأهالي في التجمع يناشدون الأونروا من أجل تقديم خدماتها لهم أسوة بباقي المخيمات الفلسطينية المواجدة في لبنان.
وتتكرر المناشدات من داخل تجمع جلّ البحر منذ سنوات دون استجابة، في ظل مخاوف دائمة من انهيار المنازل فوق رؤوس ساكنيها، إذ باتت جميعها بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة، بينما يفتقر التجمع إلى مختلف الخدمات الأساسية التي تضمن حدًا أدنى من الحياة الكريمة للفلسطينيين.