عند المدخل الشمالي لمدينة صور جنوب لبنان، وعلى الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، يقع مخيم البص للاجئين الفلسطينيين بمساحة تقدر نحو 80 دونماً، تعود ملكيتها للقطاع الخاص وتستأجرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
من مخيم للأرمن إلى مركز لجوء للفلسطينيين

أنشأ المخيم عام 1939 من قبل الحكومة الفرنسية لإيواء اللاجئين الأرمن القادمين من أرمينيا. وفي عام 1948 استقبل المخيم الموجات الأولى من اللاجئين الفلسطينيين النازحين من منطقة الجليل إثر النكبة، فيما نُقل السكان الأرمن لاحقاً إلى منطقة أنجا.
“مخيم شجرة التوت”… تسمية لها جذور
يشتهر مخيم البص باسم “مخيم التوت”، في إشارة إلى أشجار التوت التي زرعها الأرمن بكثافة في أرجاء المخيم خلال فترة وجودهم فيه، ما جعله يعرف في تلك المرحلة بوفرة هذه الشجرة المثمرة.
سكان المخيم… جذور من شمال فلسطين
وفق التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، الصادر عن لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني في سنة 2017، يبلغ عدد الفلسطينيين المقيمين في المخيم 4073 نسمة يضاف إليهم: 412 فلسطينياً نازحاً من سورية، و298 لبنانياً، و429 سورياً، و22 غير ذلك.
أمّا مصادر الأونروا فتشير إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في المخيم يبلغ 9500 نسمة.
تعود أغلبية سكان المخيم إلى قرى وبلدات شمال فلسطين، ولا سيما إلى قضائي عكا وحيفا مثل النهر وأم الفرج والزيب والبصة وميعار والدامون وغيرها

وللبص خاصية مميزة، فهو يضم في تلك الرقعة الصغيرة من الأرض، مزيجاً من الطوائف والجنسيات، فإلى جانب الفلسطينيين يقيم فيه عدد من العائلات المسيحية، بالإضافة إلى اللبنانيين والسوريين.
تعمل شريحة من أبناء المخيم في الزراعة والبناء، بالإضافة إلى بعض الأعمال المهنية والتجارية المحدودة، بينما تعتمد نسبة من السكان على مساعدات المؤسسات الاجتماعية وتحويلات الأقارب في الدول الأوروبية.
قطاع التعليم… مدارس ورياض أطفال تخدم الفلسطينيين
يضم المخيم عدداً من المدارس التابعة للأونروا، وهي: مدرسة نمرين الابتدائية المتوسطة للبنات -مدرسة الشجرة الابتدائية المتوسطة للبنين- مدرسة دير ياسين الثانوية المختلطة.
![]()
كما يعمل في المخيم عدد من المراكز التربوية ورياض الأطفال وتشمل: روضة الإيمان – روضة البريج – روضة النجدة – روضة نبع
عيادة الأونروا في قلب المخيم
تقدّم العيادة خدمات صحية لسكان المخيم والمناطق المجاورة مثل تجمعات جل البحر، البرغلية، الواسطة، وكفربدا والقاسمية .
وتضم العيادة 19 موظفاً من أطباء صحة عامة وأسنان وممرضين وصيادلة وفنيي مختبر وتشمل خدماتها:
كما يوجد في عيادة الوكالة طب النساء والتوليد-أمراض القلب- طب العيون (مرة أسبوعياً)-مختبر للفحوصات البسيطة-صيدلية تقدم الدواء مجاناً.
فيما تحوّل الحالات التي تحتاج تدخلات أوسع إلى المستشفى اللبناني الإيطالي، مستشفى بلسم، مستشفى حيرام، بينما تُحوّل الحالات الحرجة إلى مستشفى جبل عامل.
وتضم العيادة أيضاً قسم الأشعة الوحيد للأونروا في منطقة صور، ما يجعلها مركزاً أساسياً لخدمة مخيمات المنطقة.
وداخل المخيم يوجد مستشفى صور الحكومي ، ما يسهل حصول السكان على خدماته الطبية.
مراكز صحية أخرى
إلى جانب خدمات الأونروا والمستشفى الحكومي، يضم المخيم:
مركز حمزة الطبي، الذي يستقبل نحو 1000 مريض شهرياً ويقدم عيادات تخصصية وصيدلية بأسعار مدعومة.
كما يتواجد في المخيم عدة عيادات لطب وتقويم الأسنان وعدد من الصيدليات.
المياه:
يعتمد المخيم بصورة أساسية على مياه مصلحة الليطاني التابعة للدولة اللبنانية في مقابل اشتراك سنوي مثل القرى والمدن اللبنانية.
وهناك مجموعة آبار إضافية تابعة للجمعية الإنسانية للتنمية تزود بعض الأحياء بالمياه عبر شبكة أنابيب خاصة ، وبسبب ارتفاع نسبة الكلس في المياه فهي تخصص للاستخدام المنزلي فقط.
أمّا بالنسبة إلى مياه الشفة، فيعمد معظم أهالي المخيم إلى شرائها من محال تكرير المياه وتوجد ثلاث محطات داخل المخيم.
أمّا فيما يتعلق بشبكة الصرف الصحي والبنية التحتية فقد أنشأتها الأونروا على مرحلتين؛ كانت الأولى في سنة 2001 لكنها لم تكن فعّالة، ثم عادت الأونروا وجددتها في سنة 2006 وهي تستوعب شبكة الصرف الصحي وشبكة مياه الأمطار.
الكهرباء:
تزوّد شركة كهرباء لبنان المخيم بالكهرباء كما يوجد عدد لا بأس به من المولدات الكهربائية الخاصة تزود المنازل حال انقطاع التيار الكهربائي في مقابل اشتراك إمّا بحسب استهلاك الساعة وات … وإمّا اشتراك شهري مقطوع.
كما في سائر المخيمات، تقيم الفصائل الفلسطينية مكاتب لها في مخيم البص، ويتابع كل من اللجنة الشعبية واللجنة الأهلية شؤون المخيم والتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية.
كما ينشط في المخيم عدد من الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية، منها: جمعية النجدة الاجتماعية، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، والجمعية الإنسانية للإغاثة والتنمية، وجمعية عمل تنموي بلا حدود “نبع”، وجمعية المرأة الخيرية، وجمعية البرامج النسائية، وبيت أطفال الصمود، والهيئة الإسلامية للرعاية، ومركز مساواة للتواصل والتعليم.
معاناة متعددة
تقول أوساط فلسطينية بأن أزمات المخيم تتشابه لحد كبير مع باقي مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان، من انقطاع الكهرباء والمياه والفقر والبطالة.
يضاف اليها منع إدخال مواد البناء إلى داخل المخيم للتوسع الطبيعي إلا بتصريح مسبق من قبل الجيش اللبناني.
نظراً لهذه التحديات تنشط داخل المخيم حملات إغاثة متواصلة عبر لجان ومؤسسات خيرية واجتماعية لرعاية الأسر الأشد فقرًا والأيتام في محاولة للتخفيف من المعاناة المثقلة على عاتق اللاجئين الفلسطينيين.
هكذا ينبص مخيم البصّ بالحياة ، تماماً كغيره من المخيمات الفلسطينية التي تحمل الهوية نفسها، فبرغم ما يثقل كاهل سكانه من أزمات معيشية مركبة، لا يتوقف أبناء المخيم البحث عن مساحة من الامل والتحدي.