يشكّل ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ،أحد أكثر الملفات حساسية في التاريخ السياسي، والاجتماعي الفلسطيني المعاصر، فمخيمات اللجوء التي نشأت، قبل أكثر من سبعين عامًا، لم تكن محطة لجوء مؤقت، بل تحوّلت إلى مساحات للذاكرة، والهوية وامتداد للحنين،وطفولة كبرت وهي تحلم بألعودة إلى فلسطين ، هو ألامل الذي لم ينقطع يومًا نحو فلسطين من هنا، فإن أي تدخل أو تحرك ،يتعلق بهذا الملف يلامس حياة مئات آلاف البشر ،الذين يعيشون بين ضيق الجغرافيا وضيق الحقوق.
في الآونة الأخيرة، عاد اسم ياسر محمود عباس، نجل رئيس السلطة الفلسطينية، إلى الواجهة، بعد معلومات متداولة تفيد ،بزيارات يقوم بها إلى لبنان، وتحركات تخص ملفات تتعلق باللاجئين الفلسطينيين، وبالأخص ملف أملاك منظمة التحرير الفلسطينية ،التي كانت قائمة قبل خروجها من لبنان عام 1982.
وبحسب مصادر متقاطعة في الساحة الفلسطينية، فإن هذه التحركات تأتي بتكليف مباشر، وغير معلن من والده، ما أثار موجة من التساؤلات ،في الأوساط السياسية ،والاجتماعية داخل المخيمات وخارجها،تحركات خارج الإطار المؤسساتي:
الإشكالية ليست في الزيارة نفسها، ولا في متابعة قضايا تحتاج إلى معالجة، بل في غياب الإطار المؤسساتي الواضح. فالملف الفلسطيني في لبنان، بما فيه أوضاع المخيمات وأملاك منظمة التحرير، يخضع لمعادلات دقيقة وتوازنات حساسة، ويتطلب إدارة شفافة تكون الفصائل ،والمؤسسات الفلسطينية شريكة فيها، لا متلقية لنتائجها، إضافة إلى شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني تم إلغائها بهذا الشكل.
ومن هنا فإن التحرك الفردي، في ملف بهذا الحجم يطرح أسئلة عديدة ومشروعة:
أين دور المؤسسات الوطنية؟ ولماذا تُدار قضايا عامة باسم الفلسطينيين ،دون إعلان أو تفويض واضح؟
أملاك منظمة التحرير ألفلسطينية — إرث لا يحتمل الغموض…
تاريخ منظمة التحرير في لبنان ليس مجرد، مرحلة من العمل السياسي، بل جزء من الذاكرة الجماعية للفلسطينيين، هذه الأملاك من مقار، ومدارس، ومراكز صحية ،ومؤسسات ليست مجرد عقارات، بل شواهد على مرحلة نضال ودماء وأحلام.
لذلك، فإن الحديث عن (جردة معلنة وغير معلنة)، أو (إعادة تقييم) لهذه الممتلكات يستوجب شفافية كاملة، لأن الموضوع يمس الإرث الوطني الفلسطيني بشكل عام ، ويطال مستقبل مؤسسات ،كان لها دور محوري في حياة الفلسطينيين.
المخاوف هنا ليست سياسية فقط، بل إنسانية أيضًا، إذ يشعر كثيرون بأن ما يرتبط بحياتهم اليومية ،
ومستقبلهم يُبحث في غرف مغلقة، بعيدًا عنهم، وبعيدًا عن الجهات التي تمثلهم.
لبنان… هشاشة المكان ودقّة اللحظة…
الوجود الفلسطيني في لبنان ،قائم وسط ظروف معقدة يعرفها الجميع:
أزمة اقتصادية خانقة، هشاشة سياسية، وضع قانوني حساس، وتوازنات دقيقة بين الدولة اللبنانية والمخيمات.
لذلك فإن أي خطوة غير محسوبة في هذا السياق، قد تفتح الباب أمام توترات غير مرغوبة، أو تعيد طرح ملفات قديمة بأبعاد جديدة، وهذا ما يرفضه ألشعب الفلسطيني في لبنان لذلك، فإن إدارة الملف الفلسطيني في لبنان تحتاج، إلى حكمة مضاعفة ووضوح وشفافية مضاعفة، وإلى مشاركة جميع القوى الفلسطينية، بعيدًا عن الانفراد والقرارات غير المعلنة.
أخيرآ احترام الناس واحترام الذاكرة:
لا يستهدف هذا المقال أشخاصًا، بل يسلّط الضوء على ضرورة احترام مبدأ الشفافية ،في إدارة الملفات التي تمس حياة الفلسطينيين، داخل المخيمات وخارجها،فالناس لم تعد تحتمل الغموض، ولا يهمها من يتحرك أو من يقرر، بل كيف تتم الأمور، وهل تدار بما يحفظ كرامتهم وحقوقهم وذاكرتهم.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأكبر:
من يملك حق التصرف بمستقبل اللاجئين وأملاك منظمة التحرير؟ الأفراد، أم المؤسسات الوطنية ،التي وُجدت أساسًا لحماية هذا الشعب وقضيته؟وبنفس الوقت هي دعوة إلى ألسيد ياسر عباس لزيارة المخيمات ( جميع المخيمات والإطلاع على أرض الواقع ،على أوضاع الشعب الفلسطيني عن قرب) .