مصطفى الحسين -صدى الشتات
تكاد حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا تخلو من أعباء الأزمات المعيشية المتراكمة بعضها فوق بعض، بل إن تقليص وكالة الأونروا لخدماتها انعكس سلباً على قطاع التعليم، إذ تسبب باكتظاظ الصفوف، ما دفع العديد من الأهالي على تكبد عناء كلفة الدروس الخصوصية لتعويض النقص.

هذا و يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أوضاعاً اقتصادية صعبة نتيجة انتشار البطالة وقلة فرص العمل، فالدولة اللبنانية تمنع اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة العديد من الوظائف والمهن. وقد تفاقمت ظروفهم المعيشية إثر الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
كما ان تراجع الدعم الدولي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يزيد الأعباء الملقاة على كاهل اللاجئين، ولا سيما في قطاع التعليم، إذ يعاني التلامذة من اكتظاظ الصفوف في مدارس الاونروا، ما ينعكس سلبا على قدرتهم في اكتساب المعلومات، وهو ما دفع بالعديد من الأهالي إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية لتعويض النق لدى أبنائهم، بالرغم من كلفتها وضعف إمكاناتهم المادية.
تكاليف معيشية مرتفعة
تتكبد اللاجئة الفلسطينية، أم يوسف، كلفة تعليم أولادها أربعة لدى مدرس خصوصي، إذ تدفع 150 دولار أميركي في الشهر الواحد.
تقول أم يوسف، وهي أم لأربعة أبناء، اللاجئة الفلسطينية المقيمة في مخيم البرج الشمالي في مدينة صور جنوبي لبنان : ما يجنيه زوجي من عمله اليومي بالكاد يكفينا في ظل ارتفاع فاتورة المعيشة في لبنان، حتى أن تكلفة وجبات الطعام في اليوم الواحد تكاد أحيانا لا تتوفر لدى العائلة.
وتضيف أم يوسف، حتى لا أحرم أولادي حقهم في التعلم، ولأنني لا استطيع متابعة دروسهم اليومية بسبب أن تحصيلي العلمي ليس عاليا، فأننا نضطر، مع بداية كل عام دراسي، إلى إلحاق الأبناء بمعلمة خصوصية لتعويض النقص الحاصل لديهم في المدارس. وأشارت، أن قوانين الأونروا التي تنتهجها مؤخرا في مدج الطلاب واعتماد عدد 45 طالبا في الغرفة الصفية الواحد، يؤثر سلبا على مستوى الطلاب العليمي وجودة التعليم بشكل عام.
وفي مراجعة لحياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نجد أنّ العائلة الفلسطينية الواحدة، تنفق شهرياً مئات الدولارات على خدمات بسيطة جداً، وذلك بسبب انقطاع هذه الخدمات التي هي من مهام ووظائف الدولة.

ويتركز الإنفاق المالي الهائل والمكلف منذ عدة سنوات، وبالأخص بالسنوات الثلاث الماضية، بعد الانهيار الاقتصادي في لبنان، على خدمات الكهرباء والرعاية الصحية والتعليم والمياه.
فالعائلة الفلسطينية في لبنان، تدفع شهرياً ما معدله 200 دولار أمريكي لقاء بدل اشتراك الكهرباء في مولدات تجارية خاصة، بسبب الانقطاع الدائم في الكهرباء، وذلك بدل الحصول على 5 أمبير من الكهرباء، لمدة حوالي 14 ساعة تغذية فقط، أو أقل من ذلك احيانا.
كما تدفع العائلة تكاليف كبيرة لأبنائها الطلاب تصل لمئات الدولارات شهريا، بدل مواصلات وقرطاسية، يضاف الى ذلك تكاليف التعليم في دروس خصوصية بسبب ضعف مستوى التعليم في مدارس الأونروا.

دروس خصوصية النقص
أما اللاجئة أم حسين، المقيمة في مخيم البرج الشمالي ، فتكشف لـموقع ” صدى ” أن “معظم تلامذة المخيم مسجلون لدى معلمات وأساتذة لمتابعة الدروس الخصوصية بعد دوام الدراسة، ولكون راتب الرجل الشهري وحده ليس كافياً لتأمين نفقات الحياة اليومية، جراء غلاء المعيشة في لبنان، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والمحروقات، فضلاً عن فواتير المياه والاشتراك بالمولد الكهربائي والإنترنت ومصاريف الأولاد”.
وتأسف أم يوسف أن سياسة الأونروا في تقليص الخدمات وخاصة قطاع التعليم، يساهم وبشكل كبير إلى تراجع جودة التعليم لدى شريحة واسعة من الطلاب، كما أن وجود أكثر من 45 طالبا في الغرفة الصفية الواحدة يؤثر سلبا على قدرة المعلمين على إعطاء الدروس بالشكل المطلوب.
ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من انعدام فرص العمل، لأن القانون اللبناني يمنع اللاجئين الفلسطينيين من مزاولة قرابة 72 مهنة، ما يزيد من الظروف المادية صعوبة خاصة للعائلات الكبيرة العدد، بحيث يضطر بعضها إلى استلاف مبالغ من أقارب ومعارف لتأمين كلفة الدروس الخصوصية التي صارت ضرورية، نتيجة اكتظاظ الصفوف وانعكاسه على القدرة الاستيعابية للطلاب.
بحسب متابعين، تعود أسباب اللجوء للدروس الخصوصية إلى ضعف مستوى التعليم في مدارس الاونروا، كما يوجه العديد من الشباب الفلسطيني صعوبات في الحصول على فرص التعليم الجامعي بسبب العوائق الاقتصادية، مما يجعل الدروس الخصوصية ضرورية لمساعدتهم على اجتياز الامتحانات الرسمية أو الالتحاق بالمعاهد المهنية.
رابط التقرير المصور :