| | | | |

المياه المالحة تهدّد حياة السكان في مخيمات بيروت

في المخيمات الفلسطينية الواقعة ضمن النطاق العمراني للعاصمة اللبنانية بيروت تتقدّم أزمة المياه المالحة من هامش الإهمال إلى قلب الخطر اليومي. فالمياه التي تصل إلى المنازل عبر الآبار غير صالحة للاستعمال الآدمي ومع ذلك تشكّل المصدر شبه الوحيد للاستخدام ما يضع آلاف اللاجئين أمام واقع قسري تتقاطع فيه المخاطر الصحية مع تهديد مباشر لسلامة الأبنية.

أمراض تنتشر بصمت

في مقابلة لموقع صدى أشار أحد سكان المخيمات إلى أنّ الاستخدام المتواصل للمياه المالحة تسبّب بانتشار فطريات وأمراض جلدية لا سيما في فروة الرأس بين عدد كبير من السكان ولم تعد هذه الحالات استثنائية، بل باتت تظهر بشكل واسع داخل المخيم في ظل غياب أي إجراءات وقائية أو بدائل صحية.

المياه العذبة كعبء اقتصادي

ولا تقتصر الأزمة على بعدها الصحي. ففي مقابلة أخرى قال أحد سكان مخيم برج البراجنة إنّ الحصول على مياه عذبة للاستخدام المنزلي يتطلّب اشتراكاً شهرياً تتراوح كلفته بين ستين وسبعين دولاراً. وأوضح أنّ هذا المبلغ في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وانتشار البطالة، يشكّل عبئاً يفوق قدرة معظم العائلات خصوصاً مع تراكم كلفة الكهرباء وسائر الاحتياجات الأساسية ما يجعل تأمين المياه العذبة مسألة مستحيلة لشرائح واسعة من السكان.

أبنية تتآكل من الداخل

في مخيم شاتيلا تتجلّى أخطر تداعيات الأزمة.. فقد تسببت المياه المالحة لتآكل البنية التحتية للبيوت.

قال أحد السكان لصدى، إنّ المياه المالحة أدّت إلى تآكل الحديد في سقف منزله بشكل شبه كامل ما تسبب بانهياره جزئياً..

هذه الحادثة وفق سكان المخيم ليست معزولة بل تأتي ضمن سلسلة أضرار إنشائية آخذة بالاتساع داخل المخيم.

وفي مقابلات أخرى أيضا، تحدّث الأهالي عن سقوط أدراج وتصدّعات واضحة في الأبنية، وعن طوابق باتت مهددة بالانهيار بسبب الاستخدام المستمر للمياه المالحة. والاكتظاظ العمراني والبناء غير المنظم يضاعفان من خطورة هذه الأضرار، ما يحوّل المخيم إلى بيئة سكنية غير آمنة.

مشاريع لم تكتمل

في المقابل، قال أبو عمر الأشقر عضو اللجنة الشعبية في مخيم برج البراجنة في مقابلة لموقع صدى، إن المخيم يعتمد بشكل كامل على مياه الآبار المالحة التي لا تصلح للاستعمال الآدمي وتتسبب بأضرار صحية وإنشائية جسيمة.

وأوضح أنّ وكالة الأونروا نفّذت سابقاً مشروعاً لإمداد المخيم بالمياه العذبة عبر إنشاء خزانات لتغذية المنازل إلا أنّ المشروع لم ينجح في تأمين حل مستدام وعاد الوضع إلى ما كان عليه.

وأكد الأشقر أنّ اللجان الشعبية غير قادرة على إيجاد حلول بديلة في ظل غياب الإمكانات، معتبراً أنّ الحل الجذري الوحيد يتمثّل في قيام الدولة اللبنانية بتزويد المخيمات بخطوط مياه عذبة أسوة ببقية المناطق. وبرأيه فإن أي معالجات جزئية أو مؤقتة لن تكون سوى تأجيل لانفجار أزمة أكبر.

أمام هذا المشهد تبدو المخيمات الفلسطينية في بيروت محاصَرة بأزمة تتجاوز العطش إلى تهديد الوجود نفسه. مياه مالحة تنخر الأجساد والمنازل بصمت وسكان يعيشون على حافة الخطر بانتظار قرار إنساني يضع حدّاً لمعاناة طال أمدها.

موضوعات ذات صلة