يشهد مخيم عين الحلوة جنوب لبنان تصاعداً لافتاً في الاحتجاجات ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا في ظل استمرار وقف المساعدات المالية عن العائلات المصنّفة ضمن حالات العسر الشديد، وهو ما فجّر حالة غضب شعبي آخذة بالاتساع داخل المخيم.
الشرارة الأولى لهذا التصعيد بعد المظاهرات التي شهدها المخيم على مدار أكثر من سنتين، جاءت من خطوة فردية أقدم عليها ناشط فلسطيني واحد حيث قام بإقفال مكتب الشؤون الاجتماعية التابع للأونروا داخل المخيم لليوم الثالث على التوالي في تحرّك احتجاجي مباشر على سياسات الوكالة.
ورغم الطابع الفردي للخطوة إلا أنها عكست حجم الاحتقان الشعبي وسرعان ما تحوّلت إلى نقطة التقاء لغضب أوسع يتشارك فيه أهالي المخيم.
هذه الخطوة لم تُقرأ داخل المخيم كتحرّك معزول، بل كرسالة واضحة بأن حالة الصمت انتهت وأن قرارات الأونروا لم تعد تمرّ من دون رد. فالناشط الذي أقفل المكتب أعلن عملياً أن المسؤولية لم تعد تقع على عاتق الهيئات واللجان فقط، بل باتت عبئاً مباشراً على كل من يرفض سياسة التجويع والإهمال.

وبالتوازي مع هذا التحرّك برزت مشاركة نسوية لافتة تمثّلت بتحرّك عدد من النساء داخل المخيم حيث توجهن إلى مكاتب الإغاثة والخدمات ورفعن أصواتهن احتجاجاً على انقطاع المساعدات وإهمال وكالة الأونروا في مشهد عبّر بوضوح عن انتقال الغضب من مبادرات فردية إلى حالة اعتراض جماعي.

الربط بين الخطوتين يعكس مساراً تصاعدياً للاحتجاج بدأ بمبادرة فردية جريئة وتحوّل سريعاً إلى تعبير جماعي عن معاناة العائلات الفلسطينية، ولا سيما النساء اللواتي يتحمّلن العبء الأكبر في تأمين الاحتياجات اليومية لأسرهن في ظل أوضاع اقتصادية خانقة.
ويحمّل أهالي المخيم الأونروا مسؤولية مباشرة عن هذا التصعيد معتبرين أن الوكالة اختارت إدارة الأزمة عبر التقليص والتجاهل بدلاً من حماية الفئات الأكثر هشاشة. ويؤكد المحتجون أن وقف المساعدات في هذا التوقيت تحديداً، ومع غياب أي بدائل، يشكّل تهديداً مباشراً للاستقرار الاجتماعي داخل المخيم.
هذه التحركات قد تفتح الباب أمام موجة أوسع من الاحتجاجات في ظل شعور متزايد بأن الأونروا تتنصّل من التزاماتها التاريخية والإنسانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ففي مخيم عين الحلوة لم يعد الاحتجاج مجرد رد فعل آني، بل بات مساراً تصاعدياً يبدأ بخطوة فردية وينتهي بغضب جماعي عنوانه الأساسي: لا صمت بعد اليوم على سياسات تمسّ لقمة العيش وكرامة اللاجئين.