مصطفى الحسين – صدى
يدور الحديث عن مرض الثلاسيميا في المجتمع الفلسطيني في لبنان ويكثر عندما نتكلم عن مخيم البرج الشمالي، الذي يحتضن أكثر من 250 حالة صحية بين المقيمين في المخيم، وتتوزع هذه الإصابات بين مساحة جغرافية لا تتعدى الكيلو متر مربع واحد من أصل قرابة 22 الف نسمة يعيشون في المخيم.
مخيم الثلاسيميا هذا هو الإسم الصحي لمخيم البرج الشمالي الذي يضم نحو 9% من مرضى الثلاسيميا على مستوى لبنان، من غير أن يلقى العناية اللازمة في العلاج، ولا تقدم «الأونروا» لهؤلاء المرضى ما يكفيهم في العلاج.
ورغم إنّه نوع من أنواع فقر الدم المتوارث لكنّه مرض غير مُعد، يُسبّب إنخفاضاً بمادة الهيموغلوبين في الدم وهي المسؤولة عن توزيع الأوكسجين إلى جميع أعضاء الجسم، تختلف شدتها من الناحية السريرية بشكل كبير إذ تتراوح بين الأشكال البسيطة غير المصحوبة بأعراض إلى الأنواع الشديدة أو حتى المميتة. وأحد أسباب إنتشاره في المخيّم هو: زواج القربى.
يقول الطبيب أحمد عثمان: “سابقا، كان الزواج يتم دون إجراء الفحوصات الطبية اللازمة التي تكشف عن الامراض الوراثية، وبالتالي الإصابات عند الأطفال المولودين، خاصة إذا كان الزوجان من الأقارب ويحملان إشارات مرض التلاسيميا.
يضيف الطبيب عثمان: ” يجب إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة قبل الزواج للتأكد من عدم وجود إشارات للمرض، ولكنّ البعض يتجاهل هذا الشرط الوقائي.
معاناة مُضاعفة
تعاني الشابة آية وهي مُصابة بالثلاسيميا من سوء الأوضاع المادية ما يحرمها من تأمين العلاج المناسب وشراء الأدوية ذات الأسعار المرتفعة.
أما الشاب صلاح يقول: أنه تم اكتشاف إصابته بهذا المرض منذ سنواته الأولى، ويروي: ” كنت أخضع دائماً لعملية نقل وحدات دم بمعدل مرتين إلى اربع مرات في الشه، إضافة إلى تناولي الدواء دائماً منذ عشر سنوات”.
ورغم هذا الوضع المتردي تأتي المشكلة الأكبر المتمثلة بصعوبة شراء الأدوية حيث أن أسعارها مرتفعة جدا، ويجب على مريض الثلاسميا ان يلتزم بتناولها بشكل يومي كل حسب حالته، وهناك حوالي 53 حالة مرضية قسوة بحاجة إلى كميات أكبر من الأدوية المختصة بعلاج هذا المرض.
مبادرات دعم
ويتابع مركز البرج الطبي التابع لجمعية الشفاء للخدمات الطبية والإنسانية في مخيم البرج الشمالي أوضاع المرضى في المخيم، يقدم المركز الدعم اللازم للمرضى من اجراء فحوصات أو تقديم أدوية وفقا لحالات المرضى واحتياجاتهم الدورية،
وتُغطي “الأونروا” جانباً من المساعدة الطبية ولكنها لا تلبي الحاجة الأساسية لكل المرى المتمثلة بتأمين الدواء الأساسي لهذا المرض وهو”الهايدريا” -العقار الأهم في علاج هذا المرض- وهذا ما يزيد من قسوة مسيرة العلاج وخصوصاً من الناحية المادية في ظل هذه الأوضاع الإقتصادية الصعبة.
ويشير مدير المركز الطبي إيهاب الكيلاني، أن حاجة مرضى التلاسيميا من أدوية وفحوصات مخبرية ومتابعة طبية دورية، إلا أن المركز يقدم لهم ما يستطيع من خدمات. وأضاف” تبقى حاجة المرضى الكبيرة بحاجة إلى تكاتف جهود كافة الأطراف في المجتمع الفلسطيني.

معاناة مستمرة
يعاني مخيم البرج الشمالي أزمات صحية كبيرة، حيث يعاني الفقر والحرمان كبقية المخيمات في لبنان، وسلسلة الحرمان هذه لا تكاد تنتهي، وهي تطاول مختلف مناحي الحياة فيه، ولعل الجانب الصحي هو الهاجس الأكبر لسكان مخيم برج الشمالي الذين يقفون عاجزين عند أي مشكلة صحية تواجههم، وخاصة أن «الأونروا» لم تقم بواجبها المطلوب تجاههم.
يعدّ مخيم البرج الشمالي في لبنان المخيم الأكثر فقراً، وذلك عائد لكون الغالبية العظمى من السكان يعملون في الزراعة والمهن الحرفية، بالإضافة إلى بعض الوظائف الأخرى.
يعمل كثيرون من سكان المخيم – رجالاً ونساء – في البساتين القريبة من المخيم، يتقاضون أجراً يومياً قيمته 12 دولاراً تقريباً. وعمل الزراعة هو عمل موسمي حيث يعمل الشخص حوالى عشرين يوماً فقط في الشهر.
يقع مخيم البرج الشمالي إلى الشرق من مدينة صور، وعلى بعد ثلاثة كيلومترات منها، يبلغ عدد سكان المخيم نحو 22 الف نسمة مسجلين لدى سجلات “الأونروا”.